Tuesday, May 27, 2008

أصل الانسان .. منظور علمي-الجزء الاخير

كتابات - د.حامد علوان

في هذا الجزء الاخير ساذكر الجنس الذي يمثل الحلقة الاقرب الى البشر منه الى القرود والذي انتهى قبل 30000 سنة بالانسان العاقل الحديث .

Homo habilis

الاسم العلمي يعني الانسان اليدوي وقد سمي هكذا بسبب العثور على بعض الادوات اليدوية البدائية مع عظامه والتي كانت صخورا منحوتة بشكل بسيط .

عاش قبل مليون ونصف المليون سنة تقريبا ولكن تراكيب الجمجة لاترال تحمل بعض صفات سلفه الاخير قرد الجنوب الثقيل (انظر المقالة السابقة رجاءا) مع تحول واضح في حجم الاسنان حيث بدت أصغر بكثير وزيادة ملحوضة في حجم الدماغ حيث بلغ 800 سم3 ، طوله لم يتجاوز 127 سم ووزنه بحدود 45 كغم.

كان هذا الكائن قادرا على التخاطب البسيط وذلك بدليل وجود النتوء الذي تتركه منطقة الكلام في الدماغ من اثر واضح داخل تجويف الجمجة والمعروفة بأسم منطقة دوروس . عثر على عظامه عام 1960 .

Homo erectus

الانسان المنتصب (القائم) . عاش هذا الانسان البدائي قبل 1,8 مليون الى 300 ألف سنة . أهم تطور ملحوظ هو حجم الدماغ حيث بلغ 1225 سم3 . جسمه رشيق أكثر من سابقه وقد طور انواعا جديدة من العدد اليدوية المنحوتة من الصخر او العظام كما كان قادرا على الكلام وقد يكون استخدم النار أيضا . وجهه لازال مختلفا عن انسان اليوم فقد كان عديم الحنك وذا جبهة مرتفعة كثيرا فوق الحاجبين . هذا الانسان كان الاول الذي يغادر أفريقيا فقد عثر على عظامه في أسيا ومنها ما يعرف برجل بكين ورجل جاوا ، كذلك وصل الى اوروبا وهو بذلك أول انسان مهاجر . عثر على عظامه عام 1893 .

Homo sapiens archaic

الانسان العاقل القديم . اول ظهور لهذا الانسان كان قبل 500 ألف سنة وعاشت أجياله 300 ألف سنة وقد عثر على الكثير من عظامه في مناطقة متفرقة . حجم الدماغ متوسط بين دماغ الانسان القديم القديم والانسان الحديث وكذلك كانت الاسنان ولكنه ما زال يحمل بعض الصفات القديمة مثل شكل الحنك وارتفاع عظمة فوق الحاجبين . عثر على عظامه عام 1921 في اوروبا وأفريقيا .

Homo sapiens neandertalensis

الانسان العاقل نياندرتال . لعل هذا اشهر انسان رسخ في اذهاننا منذ الصغر لاننا درسنا تاريخه في المراحل المدرسية المبكرة كشاهد على الانسان القديم . عاش النياندرتال لمدة 200 الف سنة وانقرض آخر جيل له قبل 30 ألف سنة . الغريب فيه ان دماغه أكبر من دماغ الانسان الحديث فقد بلغ حجمه 1450 سم3 وقد يعود هذا الى كبر جمجته و امتدادها الواضح نحو الخلف . الحنك لازال صغيرا وتوجد اختلافات بينة في هيكله العظمي عن انسان اليوم منها شكل لوح الكتف وعظام الحوض . الا ان العظام بمجملها كانت امتن وتدل على بنية قوية وربما كان هذا لمواجهة البيئة التي عاشها والتي امتازت بالبرودة الشديدة. عثر على كثير من العدد التي استخدمها في حياته داخل الكهوف ومنها أدوات تدل على مهارته في الصيد كما انه أستخدم النار جيدا. وتدل آثاره على علاقات اجتماعية تطورت بشكل ملحوظ عما كانت عليه حياة أسلافه فكان هو اول انسان يدفن موتاه ، الا ان هذه العلاقات ربما ابتدأت متأخرة اذ ان اول مقبرة له يعود عمرها الى 100 ألف سنة خلت أي بعد مرور 100 ألف سنة على وجوده في الحياة . أكثر آثاره موجودة في اوروبا والشرق الاوسط . لم يجد أحد الى اليوم عظام لهذا الانسان يقل عمرها عن 30 ألف سنة ، لقد انقرض مخلفا وراءة انسان آخر تحسن مظهره وأداءه بشكل كبير ، ذلك الانسان هو نحن .

Homo sapiens sapiens

الانسان العاقل العاقل . هذا الانسان هو جدنا الذي جر وراءه ملايين السنين من التطور التدريجي البطيئ ، انه سلفنا الذي ظهرت اول آثاره قبل 30 ألف سنة داخل كهف في منطقة دوردون الفرنسية . جمجمته وعظامه تشبه ما عندنا سوى ان عمرها ثلاثون الف سنة مع اختلاف طفيف في شكل الاسنان . طوله بلغ 180 سم في الذكور و 165 سنة في الاناث. حجم الدماغ 1350 سم3 وهم حجم دماغنا اليوم. ادواته اليدوية اصبحت أكثر دقة وتنوعا وعرف غزل القماش وكذلك تذوق الموسيقى فقد وجدت نايات عظمية مع متروكاته .

كلمة أخيرة :

ان الاحافير التي عثر عليها والعائدة للانسان أو الحيوان او النبات تشير بوضوح الى التطور التدريجي الطويل والى الانتخاب الطبيعي الذي ينتج عنه انواع أكثر ملائمة للبيئة وأقدر على مجاراة الظروف الجديدة . وقد رأينا مما تقدم عرضه كيف مر الانسان بمراحل بدائية جدا تجمع في اسلافه صفات القرود والبشر ثم وصل مع الزمن الى ما هو عليه اليوم . لكن الاحافير ليست وحدها الدليل على تطور الانسان فهي تعيدنا الى ماض قريب والى سلف شاركنا فيه الشمبانزي ، انما هناك ادلة تشير الى ماض ابعد بكثير، الى اصولنا السحيقة والى الحيوانات التي سبقت القرود بئات الملايين من السنين، تلك الادلة لاتحتاج الى نبش ولا سفر للبحث عنها انها في أجسامنا حتى اليوم ، وهي في أجسامنا لان جيناتنا لم تنسها وأحتفظت بها لتدلنا على اصولنا الغائرة في تاريخ الارض . الجينات لاتظهر تلك الصفات اليوم لان الانسان لم يعد بحاجة لها كما كانت اسلافه تفعل ، ولكن تترك اثارها فينا بوضوح ، واليكم بعض الامثلة :

الاعضاء البدائية

بعض الاعضاء الجسمية تفقد وضيفتها بسسب تكيف الكائن الحي لبيئة جديدة لها متطلبات مختلفة ، مثل هذه الاعضاء تختفي من الجسم مع استمرار التطور ولكن تترك لها آثارا تشهد على وجودها القديم . تلك الاعضاء تتكون في بداية النمو الجنيني ولكنها لاتستمر في نموها بل تتوقف لان وظيفتها معطلة .أحد الامثلة هي الزائدة الدودية في الانسان (المصران الاعور) . فهذه الزائدة ليس لها اية وظيفة بل تصبح عبئا عند تعرضها للالتهاب ولكن لها وضيفة هضمية مهمة في الحيوانات المغتذية على الاعشاب لهذا نجدها طويلة نسبيا ونامية وفعالة هناك ، أما الانسان الذي لم يعد غذاؤه مقتصرا على النبات بل شمل اللحوم ايضا فلم يعد لتلك الزائدة اي أهمية فبقيت أثرا وربما تزول بالتطور المستمر بعد الاف السنين (الزائدة غير موجودة في الحيوانات التي تغتذي على اللحوم فقط – المفترسات). المثال الاخر في الانسان هو أثر الذيل أو الفقرة الذيلية (العصعص) ، الذيل أختفى من الانسان عندما بلغ به التطور ان يمشي على قائمتين ولم يعد بحاجة للذيل الذي لو استمر سيعيق قدرته هذه فأختفى وبقي أثره شاهدا على ماضينا السحيق عندما كان أسلافنا بذيل .

تشابه الاجنة

في عدد كبير من الحيوانات ، بيوضة كانت ام لبونة تتشابه الاجنة في مراحل نموها الاولى وهذا التشابه الذي احتفضت به الجينات لايمكن تفسيره الا بكون هذه الحيوانات منحدرة من سلف مشترك. جنين الانسان له ذيل في الاسابيع الثلاثة الاولى من عمره وكذلك له تراكيب غلصمية في منطقة الرقبة تتحول لاحقا الى الجهاز السمعي .

التشابه التشريحي

أعضاء كثيرة في الحيوانات المختلفة تتكون بالطريقة ذاتها ولها وضائف متشابهة كما ان خطها التطوري اثناء النمو جنيني متشابه ، مثل هذه تسمى بالاعضاء المتجانسة . لو نظرت مثلا الى عظمتي ساعد الانسان وعظمتي اليد في الخروف و عظمتي يد الفقمة ستجد تشابها ملفتا للنظر في التركيب والوظيفة . الحيوانات التي لها الاعضاء المتجانسة ذاتها لا بد ان يكون لها صلة قرابة بعيدة.

وأخيرا هذا غيض من فيض ، ان شئت صدقه أو انفيه ، ذلك ما يفعله غيرك على اية حال ، ولكني اضع أمامك الحقيقة التالية ، الحياة ليست شيئا جامدا بل انها في حركة مستمرة ، كل شيئ في هذا الكون متحرك وكل متحرك لا بد ان يتغير مع الزمن ، تحكم الطبيعة ان يكون هذا التغير نحو الافضل .. اليس هذا هو التطور!

snobserver@yahoo.com

1 comment:

جلال said...

مقالة رائعة مليئة بالمعلومات الجديدة والمتماسكة ،استفدت منها كثيرآ .....شكرآ لك ولاسلوبك الرائع